هذا ما كتب في جريدة الوطن
في محل شهير للملابس، يكاد يعرفه عمانيون كثر، كان القميص البناتي متلألئا ويكاد يأخذ العقل، حتى قبل أن يأخذ الصراف الفلوس، مشكلته، وربما ميزته التي استحسنها البائعون، أنهم حين أبرزوه فوق أخوته القمصان كانوا يريدون تسويقه أسرع من خلال الجملة المكتوبة عليه، كانت باللغة الانجليزية، واحتلت كلمة sexy)) نصف مساحة كبيرة من مقدمة القميص، سبقتها كلمة صغيرة مفادها (أنا) وبعدها شرح يخاطب القارىء للقميص (أو الناظر لصاحبته) بأن مرتديته تدرك أن ذلك الشخص يعرف أنها تمتلك (جاذبية جنسية) كالريح لكن عليه أن يأتي ليرى بنفسه.
شككت في قدرتي اللغوية والتي تعجز غالبا عن فهم لسان أهل الغرب، فاتصلت بصديق، وهو محاضر في إحدى الكليات، لم يأخذه العجب كثيرا كما فعلت في ذلك المحل الشهير، فهو إعتاد على الأشنع، الطلبة والطالبات يراهم بقمصان كتب عليها الأشد من العبارات، وكأن مرتديها لا يدرك أي معنى وضع على صدره.
تذكرت حينها امرأة صادفتها في محل تجاري كبير، كانت من النوع الذي لا يمكن إلا أن يلف رقبتك، أنوثة طاغية تكاد تتفجر تحت القميص الذي يكاد يضيق بما يخفي أسفله، وكانت الكلمات مزركشة ومتوهجة تحت الأضواء.. (top)، وفعلا انها كانت (توب)، هذا ما رأيته في وجوه الذين اعترفوا بذلك، وتابعوا التوهج بارزا فوق حمامتين ضجّ القميص بهما، تذكرت وقتها بيت شعر لنزار قباني يقول فيه (ونهدك تحت ارتفاف القميص شهي شهي كطعنة خنجر) وما أكثر الذين طعنهم الخنجر في ذلك النهار!
أليس من الغريب أن تحمل امرأة قميصا به ما يخدش الحياء، أم أن حيائنا نحن معشر الرجال يستوجب علينا عدم النظر أصلا، لكن ما حيلتنا وأعيننا تسبقنا إلى مواقع الفتنة، وما أكثرها في نساء (كثر) هذا الزمان!!
المرأة فتنة، فكيف إن تلبست الفتنة بالفتنة، وقالت لكن بقميص كتب عليه (من قبل) أنا هكذا فلا تتردد، وعليه (من دبر) إن فاتك ما أقبل فتمعن في ما أدبر، ولله در زهير بن ابي سلمى حين كتب ما يقارب هذا المشهد: هيفاء مقبلة عجزاء مدبرة/لا يشتكى قصر منها ولا طول).. وفي عالمنا النسائي هذا فإن الكتابة الفاضحة موجودة على البطن والظهر، وربما يلف الساقين نقشا من ورود تأتي وكأنها مطبوعة على الامتداد الرخامي البديع. راجعت نفسي، قلت ربما أنني ما زلت "دقة قديمة" كما يقول أخوتنا المصريين، ودفعت ما استوجب علي، وخرجت، أساءل نفسي عما يحدث.. وما سيحدث!!
نقش أخير:
تحدثت بالأمر مع إحدى الأخوات، فقالت أنكم يا معشر الرجال لا تدرون ما تخفيه العباءات السود!! رأيتم السواد حين يفصّل تقاسيم الجسد، ففاضت أعينكم من الوجد، فماذا لو رأيتم ما يلبس ويكتب تحتها؟!.. قلت لها كفانا ما يحدث لشبابنا من رؤية العباءات (الفرنسية وشبيهاتها).. فماذا لو رأوا (المستور)؟
بعد (معلومة الأخت) شعرت أنني فعلا (متخلف)، وبعيد عن هذا العصر، فحين ترى أي شىء غريب.. لا تستغرب، يمكن أنك تأخرت فقط في اكتشافه، لذا فهو على غرابته أمام عينيك، رغم أنه عادي جدا.. ومن النوع المألوف، على رأي الفنان عادل إمام.
تعليقي
الله يستر يا ما تحت الدواهي سواهي..